احباب الرحمن
إنهم رجال قد نحلت منهم الأبدان.. وتغيرت منهم المحاسن والألوان.. خوفا من العذاب والنيران وشوقا إلى نعيم الجنان
رجال صحبوا القرآن بحسن العمل.. ولم يغتروا بطول الأمل.. ونصبوا لأعينهم تقريب الأجل..
وسمت هممهم إلى الرفيع من المحل.. واشتاقت نفوسهم إلى الملك الأعلى الأجل..
فلو رأيتهم لرأيت قوما يتلون كتاب الله بشفاه ذابلة.. ودموع وابلة.. وزفرات قاتلة.. وأجسام ناحلة.. وخواطر في عظمته جل جلاله جائلة..
رجال إذا نظروا اعتبروا.. وإذا سكتوا تفكروا.. وإذا جهل عليهم حلموا.. وإذا علموا تواضعوا.. وإذا ابتلوا استرجعوا.. وإذا عملوا رفقوا.. وإذا سئلوا بذلوا عونا للوارد.. وتفضيلا للقاصد..
حلفاء صدق.. وكهوف ودق..
قد عملوا بالسنة والكتاب.. ونطقوا بالحكمة والصواب..وحاسبوا أنفسهم قبل يوم الحساب.. وخافوا من عقوبة رب الأرباب..
رجال لزموا البكاء والعويل.. ورضوا من الدنيا بالقليل.. فأزمعوا إلى الآخرة التحويل ورغبوا في ثواب الملك الجليل.. وحنوا إلى النعيم الدائم الجزيل.. وتمسكوا بالسنة والتنزيل.. ومنعوا أنفسهم التسويف والتعليل.. وأشفقوا من هول اليوم العبوس الثقيل.. الهائل المنظر الطويل..
رجال ركبوا فلك السلامة.. وجروا بريح الإستقامة.. فقطعوا بحار العطب والندامة.. ونجوا من أهوال يوم القيامة.. فحظوا دار المقامة.. وأرسوا في سرمد الكرامة.
فهنيئا لمن كان منهم